تعتبر التمارين التي تخضع لها نخبة الرياضيين بالغة القسوة على نظام الجسم البشري. فالرياضي يترك عضلاته رهينة التمارين القاسية طوال أربعة أو ستة ساعات في اليوم.
قد تؤدي التمارين المكثفة التي لا تتخللها أي فترات من الراحة، أو تلك التي تتم في ظروف غير ملائمة، إلى عواقب وخيمه.
أولا، ينتج عن تشغيل العضلات كمية هائلة من السخونة. يجري التخلص منها عبر سبل عده، بما في ذلك التعرق.
عندما يستمد الجسم الماء من الدم، يضاف إلى هذه المياه نسبة من السوديوم والبوتاسيوم والحامض الحليبي. وهكذا تضع غدد التعرق هذا المزيج على سطح البشرة.
عند تبخره، يترك العرق إحساسا بالانتعاش. والحقيقة أن الماء يحتاج إلى سخونة كي يتحول إلى بخار. وهو يستمد السخونة من البشرة.
إلا انه حين يكون الهواء مشبعا بالرطوبة، لا يجف العرق جيدا. أضف إلى ذلك انه إذا كانت الحرارة تبعث على التعرق أيضا، فقد يصاب الرياضي بصدمة سخونة.
تنجم هذه الصدمة عن حالة جفاف وارتفاع في حرارة الجسم.
بحالة كهذه يمكن لغدد التعرق ان تفرز ما يوازي اللتر ونصف من العرق في الساعة، دون أن تنخفض حرارة الجسم أثناء ذلك.
يقلل فقدان المياه بكثرة من كمية الدم. في أقصى الحالات يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلل في دقات القلب. أو حتى إلى توقفه.
تعرف إحدى العواقب الناجمة عن ذلك بالتشنج.
عادة ما يحدث الانقباض العفوي والمستمر في العضلات نتيجة فقدان أيونات الكالسيوم والصوديوم، ما يحدث بعد إسراف في تعرق الجسم.
قد تؤدي المبالغة في التمارين أيضا إلى فقدان جدي في الحديد.
عندما تدوس القدم على الأرض تتحطم أعداد هائلة من الأوعية الدقيقة في كعب القدم.
وتتحطم الخلايا الحمر الجارية في تلك الأوعية الصغيرة بالكامل. بهذا نفقد الحديد أيضا الذي يشكل جزءا من تركيبة الخلايا الحمر.
تؤدي المبالغة في التمارين أيضا إلى إتلاف الأوعية الدموية في الأمعاء ما يؤدي إلى نزيف مجهري. رغم أن هذا النزيف ليس خطيرا، إلا أنه يؤدي أيضا إلى فقدان الحديد.
أضف إلى ذلك أن كمية كبيرة من الحديد تخرج مع العرق. وتتعرض المرأة الرياضية إلى فقدان كمية إضافية من الحديد أثناء الحيض.
يمكن لهذا الفيض من فقدان الحديد أن يؤدي إلى فقر في الدم. الرياضي الذي يعاني من فقر الدم يشعر بالتعب الشديد ومن السهل أن يتعرض للإصابة.
يعتبر الحديد مركب رئيسي في الهيموغلوبين، الأوكسجين الذي يحمل بروتين في خلايا الدم.
بما أن نقصان الحديد يقلل من إنتاج الهيموغلوبين، سيعني ذلك أن كمية اقل من الأوكسجين ستصل إلى العضلات.
للحؤول دون فقر الدم، يوصى بأن تحتوي وجبة الرياضي على مزيد من اللحوم، وان تتضمن في بعض الحالات جرعات من الحديد.
المبالغة في التمارين يمكن أن تؤدي أيضا إلى خلل في الهرمونات.
قد تتعرض المرأة العداءة التي لا تحمل بعضا من احتياطي الدهون، وهي معرضة لبعض التوتر في حياتها، إلى خلل جدي في الهرمونات.
يمكن للتمارين أن تعرض المرأة الرياضية لخلل في إفراز الهيبوتالاموس والغدد التي تؤثر على المبيض.
إلى جانب حقيقة أن هذه المسألة قد تؤثر على المبيض لدى المرأة، يمكن القول أن هناك احتمال بتوقف الحيض نهائيا لديها.
لا شيء يؤكد بعد إذا ما كان الخلل في المحيض سيشكل خطرا على خصوبتها، إلا أنه دون شك سيترك آثارا سلبية على هيكلها العظمي.
فنقصان الأستروجين، وهو هرمون يصدر عن المبيض، يؤدي إلى إضعاف العظام.
كما يؤدي ذلك مباشرة إلى تقلص تدريجي في حجم العظام، ما يترك الرياضية عرضة للإصابة بالكسور.
هذا النوع من الكسور الناجم عن وقع الأقدام المتكرر على الأرض، يأتي أيضا نتيجة إصابات متكرر بالتوتر.
عادة ما ينتهي هذا النوع من الإصابات بتشقق في العظام، ما يعني كسور العظام دون انفصالها عن بعض. عادة ما يترافق هذا التشقق بآلام مبرحة ، وهي كثيرا من تصيب عظام الساق والقدم.
العداء الذي يركض بين مائة وخمسين ومائتي كيلومتر في الأسبوع، يتعرض إلى هذا النوع من الإصابات بشكل خاص.
إحدى السبل التي تساعد على تحاشي هذا النوع من الإصابات يتم بارتداء أحذية رياضية تخفف من ارتطام الكعب بالأرض بنسبة تتراوح بين العشرة والخمسين بالمائة.
في سباق الضواحي مثلا، تمتص القدم صدمات توازي ثلاثة أضعاف وزن الجسم. هذا هو الحال أيضا بالنسبة للسقوط بقفزة ناجحة، إذ أنها توازي تسعة أضعاف وزن الجسم.
السر في برامج التمارين السليمة هو في التعافي بقدر بذل الجهود. فالاستراحة تمكن الجسم من التعود على ظروف التمرين.
إذا ما فشل الرياضي في الاستراحة بما يكفي، ربما يقع ضحية عواقب ظاهرة المبالغة في التمارين.
عوارض المبالغة في التمارين هي الشعور بالتعب المستمر، وأداء الجسم بأقل مما هو معتاد. والتوتر الذي يستمر لعدة أيام. من هنا أهمية تعزيز برنامج علمي ومنطقي للتمارين.